بيعة العقبة الثانية
لمَّا كانت السنة التالية لبيعة العقبة الأولى، وهي السنة الثانية عشرة للبعثة، خرج مصعب بن عمير من يثرب وخرج معه ثلاث وسبعون رجلاً وامرأتان من الذين أسلموا من الأوس والخزرج في موسم الحج مع حجاج قومهم من أهل الشرك، حتى قدموا مكة فواعدوا الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم عند العقبة من أوسط أيام التشريق حين أراد الله بهم ما أراد من كرامته والنصر لنبيه وإعزاز الإسلام وأهله، وإذلال الشرك وأهله.
فلمَّا انتهت شعائر الحـج وجاء موعد اللقاء برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تسلل المسلمون من أهل يثرب من رحالهم بعد انقضاء ثُلُث الليل مستخفين حتى لا يشعر بهم أحد، واجتمعوا عند العقبة وظلُّوا في مكانهم صامتين ينتظرون الرسول عليه الصلاة والسلام حتى حضر إليهم ومعه عمه العباس بن عبد المطلب، وكان لا يزال على دين قومه، إلاَّ أنَّه أحب أن يشهد البيعة ويأخذ العهد والأزمان لابن أخيه، فلمَّا جلس الرسول عليه الصلاة والسلام كان أوَّل متكلم هو العباس بن عبد المطلب فقال: يا معشر الأوس والخزرج، إن محمداً مِنَّا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا مِمَّن هم على مثل رأينا فيه، فهو في عزٍ من قومه، ومنعة في بلده، وقد أبى إلى الانحياز إليكم، و اللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنَّكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه مِمَّن خالفه، فأنتم وما تحمَّلتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنَّكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكـم، فمن الآن فدعوه فإنه في عزٍ ومنعة من قومه وبلده. فردَّ عليه أهل يثرب بقولهـم: قد سمعنا ما قلت، فتكلَّم يا وسول الله فخُذ لنفسك وربك ما أحببت.
تكلَّم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فتلا القرآن، ودعا إلى الله، ورغَّب في الإسلام ثُمَّ قال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم، فأخذ البراء بن معرور بيده وقال: نعم والذي بعثك بالحق نبياً لنمنعنَّك مما نمنع منه نساءنا، فبايعنا يا رسول الله، فإنَّا والله أهل الحرب والسلاح، ورثناها كابراً عن كابر. واعترض الكلام أبو الهيثم بن التيهان فقال: يا رسول الله إنَّ بيننا وبن الرجال (أي اليهود) حبالاً وإنَّا لقاطعوها، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثُمَّ أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فتبسَّم الني صلَّى الله عليه وسلَّم ثُمَّ قال: بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أُحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم. عندئذٍ بايعهم الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم بيعة العقبة الثانية، ثُمَّ اختار منهم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم: تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس، فلمَّا انتهت البيعة دعوه إلى الهجرة إلى يثرب ووعدوه بأنهم سينصروه، وأنَّهم سيسيرون على الطريق التي يرسمها لهم مضحين بكل غالٍ ورخيصٍ من أجل نصرته، وبدأ المسلمون الهجرة إلى يثرب على دفعات حتى لا يشعر بهم المشركون فيكيدوا لهم، ولم يبق معه منهم في مكة سوى أبي بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب وقليلون غيرهما.
أجب عن الأسئلة الآتية:
1 - أين كان لقاء المسلمين من أهل يثرب بالرسول عليه الصلاة والسلام؟
2 - كيف ذهب أهل يثرب للقاء بالرسول عليه الصلاة والسلام؟
3 - كم كان عدد الذين التقوا بالرسول صلَّى الله عليه وسلَّم؟
4 - من هو عمّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم الذي حضر اللقاء؟
5 - ماذا قال عمّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم لأهل يثرب؟
6 - ماذا قال الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم لوفد يثرب؟
7 - ماذا قال البراء بن معرور؟ وبماذا اعترض أبو الهيثم بن التيهان؟
8 - بماذا ردَّ عليه الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم؟
9 - كم عدد نقباء الخزرج؟ وعدد نقباء الأوس؟ ومتى كانت بيعة العقبة الثانية؟